نمت مدينة غروزني حول قلعة حملت الإسم ذاته، بناها ألكسي يرمولوف وكان قائد الجيش القيصري في القوقاز عام 1818، هنا أدى ميخائيل ليرمونتوف وليف تولستوي الخدمة العسكرية وكتبا روائع أدبهما تحت تأثير الأصالة القوقازية.
بدأ استخراج النفط قرب غروزني عام 1893 فتحولت المدينة إلى احد أكبر المراكز الصناعية في القوقاز.
لحقت بالمدينة أضرار بالغة نتيجة العمليات القتالية في تسعينات القرن الماضي، وكانت القوات الروسية قد سيطرت عليها مرتين في عامي 1994 و1999 بينما اقتحمها الانفصاليون الشيشان واستولوا عليها عام 1996.
مدينة غروزني التي كانت بالأمس مهدمة، تبدو الي وم حديثة وجميلة، وصارت واحدة من أجمل المدن الأوروبية.واللون الأزرق المميز لأبنيتها الجديدة يدعو إلى حياة أفضل ومستقبل وضاء.
تم انجاز بناء المسجد الجامع "قلب الشيشان"، الجامع الرئيسي في غروزني، والأكبر في أوروبا، الذي يتسع لعشرة آلاف شخص، خلال عامين فقط، وإلى جانبه اقيمت الجامعة إلاسلامية ودار الإفتاء. وتغلب على شارع النصر خضرة الشجر، وأصلحت أبنيته لتتفق مع نمط خمسينات القرن الماضي وتجمع بين الأنموذجين الأوروبي والوطني.
شارع بوتين أجمل معالم غروزني، كان يسمى بالحدودي، حيث كان يفصل بين القوزاق والقلعة، ثم بين البيض والحمر. ويوجد فيه مبنى كبير لصالة الحفلات. وغرس فيه أكثر من سبعمائة شجرة. كان بناؤه في خمسينات القرن العشرين فحمل طابع ذلك العصر.
المؤسسات التعليمية في غروزني مشهورة وأهمها الجامعة الحكومية الشيشانية ومعهدا النفط والتربية، ويوجد في المدينة المسرح الدرامي،الذي يقدم الأعمال الكلاسيكية إضافة إلى المسرحيات المحلية التي تعكس تناقضات الحياة والتقاليد لدى الشيشان.
افتتح يوم الجمعة 17 أكتوبر/تشرين الأول أكبر مسجد في أوروبا بالعاصمة الشيشانية غروزني. ويأتي ذلك بالتزامن مع الدورة الثانية لمنتدى صنع السلام الدولي، الذي يحمل عنوان "الإسلام- دين السلام والإبداع".
وحضر مراسم افتتاح المسجد رمضان قادروف رئيس الشيشان الحالي الذي القى كلمة قائلا : " نشهد اليوم حدثاً بارزاً في حياة المسلمين أجمع حين يفتح أبوابه مسجد "قلب ا لشيشان" الذي يحمل اسم احمد حاجي قادروف بصفته اكبر واجمل المساجد في العالم. واضاف رمضان قاديروف انه على كل مواطن ان يعتز بدينه، مشيرا الى أن الاسلام في روسيا اليوم يقف موقفا راسخا ، ويحظى بدعم من جانب قيادة الدولة.
وسبق لمفتي الشيشان سلطان ميرزايف ان اعلن ان المسجد من شأنه ان يغدو اكبر مسجد في اوروبا وقال : " ان افتتاح اي مسجد كان حدث بارز بحد ذاته. اما افتتاح مسجد فاخر ورائع كمسجد " قلب الشيشان" في اراضي الشيشان فهو حدث ليس بهيجاً فحسب بل وتاريخيا. وانني آمل بان المسجد سيصبح نبراس الدين الذي يحافظ على التقاليد القومية والدينية للشيشانيين، اما المسجد بذاته فيراد به ان يغدو رمزا للسلام والنهضة الدينية في الجمهورية". ومنح مفتي شمال القوقاز اسماعيل بيردييف رئيس الشيشان وسام "الاستحقاق الوطني" من الدرجة الاولى تقديرا لفضله الكبير قي احلال السلام بشمال القوقاز وإنشاء هذا المجمع الديني. كما منح مس تشار رئيس الشيشان امرودي عدل غيرييف ورئيس فريق الانشائيين الاتراك آدم تشينار وسام "قادروف"وذلك بمرسوم خاص صادر عن رئيس الجمهورية.
وشارك في مراسم افتتاح المسجد الضيوف الوافدون من 28 دولة في العالم وكذلك 170 شخصاً من الجمهوريات والمقاطعات الروسية وبينهم ممثلون عن الطوائف الدينية المختلفة والمشاركون في منتدى صنع السلام الدولي الثاني " الاسلام دين السلام والابداع" الذي يبدأ في غروزني اعماله يوم 18 اكتوبر / تشرين الاول . واطلع المشاركون أثناء مراسم الافتتاح على زخارف المسجد ومن المنتظر مشاركتهم في صلاة الجمعة.
بوتين زار مسجد "قلب الشيشان" واشاد بالاسلام
وكان رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين قد زار هذا المسجد يوم الخميس 16 أكتوبر/تشرين الأول اثناء وجوده في العاصمة الشيشانية ، حيث أشاد بالدين الإسلامي قائلا " إن الإسلام هو دين سلام". وأضاف بوتين ان "هذا المسجد يعتبر هدية لكل المسلمين في روسيا، ومن المهم أنه عندما ستجري غداً مراسم افتتاحه سيتم ايضا افتتاح المؤتمر الدولي تحت عنوان "الاسلام دين السلام"، وهذه اشارة للعالم اجمع بان الاسلام دين مسالم . كما ان الحوار بين الطوائف يمثل اهمية كبيرة وخاصة بالنسبة لبلادنا المتعددة الطوائف والقوميات".
هذا وقد عقد فلاديمير بوتين في غروزني اجتماع عمل مع المسؤولين الشيشانيين ناقش خلاله مسائل التطور الاجتماعي والاقتصادي لجمهورية الشيشان.
كما تفقد الرئيس بوتين المناطق التي تعرضت للزلزال قبل عدة ايام في جمهورية الشيشان. وقد رافقه أثناء الزيارة كل من وزير الطورائ الروسي سيرغي شايغو والرئيس الشيشاني رمضان قادروف .
معلومات عن المسجد
المسجد عبارة عن بناية فريدة من نوعها. وقد طليت جدرانه الداخلية والخارجية بالمرمر النادر من نوع"ترافيرتين". وزين المسجد من داخله بالمرمرالابيض الذي يستخرج من جزيرة "مرمرة عدسي" الواقعة في بحر مرمرة. وقد قام بتزيين المسجد امهر الفنانين الاتراك. واستخدمت في الزخرفة الاصباغ الكيمياوية والطبيعية ذات الاضافات الخاصة ، الامر الذي يساعد بحسب رأي الخبراء على الاحتفاظ بالالوان الاصلية خلال الاعوام ال 50 القادمة . واستعان الفنانون من اجل خط الآيات القرآنية ورسم الزخارف بالطلاء الذهبي من العيار النادر. وركبت في المسجد 36 ثريا التي من شأنها ان تمثل المقدسات الاسلام الثلاث. ف 27 من هذه الثريات تمثل قبة الصخرة في القدس. وتمثل 8 ثريات الروضة النبوية في المدينة المنورة. اما الثريا الواحدة الباقية التي هي بقطر8 امتار فتمثل الكعبة الشريفة في مكة المكرمة . وصنعت جميع الثريات من بلور "سفاروفسكي"الشهير .
وابتدأ انشاء المسجد في اواخر الثمانيات، ثم جرى تجميده ، واعيد العمل في بناؤه عام 1997 . وقد اتفق الرئيس الشيشاني الراحل احمد قادروف الذي كان حينه مفتي الشيشان اتفق مع خليل اورون رئيس بلد ية مدينة كونيا التركية على انشاء جامع في وسط غروزني عاصمة الشيشان بمقدوره ان يتسع ل 2000 شخص في آن واحد. ولكن اوقفت عملية الانشاء في خريف عام 1999 بسبب عدم الاستقرار الذي ساد الجمهورية والحرب التي تلته. واعيد العمل في بناؤه مرة اخرى في ابريل / نيسان عام 2006، واختتم انشاؤه في اكتوبر / تشرين الاول العام الجارى.
وتبلغ مساحة المسجد 5 آلاف متر مربع وهو يتسع ل 10 آلاف مصل في آن واحد ، ويبلغ ارتفاع المآذن 62 متراً. اما المساحة الاجمالية للمجمع الاسلاميالذي يعتبر المسجد جزء منه فتساوي 14 هكتاراً . ويضم المجمع العديد من الابنية المرفقة مثل الإدارة الدينية لمسلمي جمهورية الشيشان والمعهد العالي الإسلامي ومكتبة دينية . كما يحتوي على قسم جامعي داخلي لطلاب الدراسات الاسلامية . ومبنى المسجد مقاوم للهزات الارضية ، والجدير بالذكر ان الزلزال الذي وقع في الشيشان مؤخرا لم يؤثر على المسجد بالمرة . وانشئت في ساحات متاخمة للمسجد نوافر جميلة ، ورتبت اماكن للراحة.