هَرَبَ الْجُنَاْةُ، وَهَرْوَلَ الأَنْصَاْرُ
لَمْ يَبْقَ - فِيْ دَاْرِ الْمُنَىْ - دَيَّاْرُ
فَجَلَسْتُ وَحْدِيْ - مُتْعَباً؛ وَمُشَرَّدًا
لَيْلاً - أَقُوْلُ: مَتَىْ يَجِيْءُ نَهَاْرُ؟
وَاللَّيْلُ طَاْلَ، وَأَدْمُعِيْ تَجْرِيْ عَلَىْ
وَجْهِيْ، كَأَنَّ دُمُوْعِيَ الأَنْهَاْرُ
حَتَّىْ أَتَىْ ضَوْءُ النَّهَاْرِ، وَأَشْرَقَتْ
شَمْسٌ، وَفَاْضَتْ أَنْهُرٌ وَبِحَاْرُ
وَسَمِعْتُ صَوْتَ حَمَاْمَةٍ تَشْدُوْ عَلَىْ
بُرْجٍ، وَتَشْدُوْ حَوْلَهَا الأَطْيَاْرُ
صَدَعَتْ بِمَاْ أُمِرَتْ؛ بِلَيْلِ عَذَاْبِنَاْ
لَمْ يُلْهِهَاْ فِلْسٌ؛ وَلاْ دِيْنَاْرُ
وَقَفَتْ!!! وَقَاْلَتْ: "لَسْتَ وَحْدَكَ" إِنَّمَاْ
مَعَكَ الْكِرَاْمُ الصِّيْدُ وَالأَبْرَاْرُ
فَلَمَسْتُ صِدْقاً صَاْفِياًّ بِكَلاْمِهَاْ
يُصْغِيْ إِلَيْهِ السَّاْدَةُ الأَحْرَاْرُ
وَأَجَبْتُهَاْ: إِنِّيْ يَئِسْتُ، وَكُلَّمَاْ
نَاْدَيْتُ، يَخْنِقُ صَرْخَتِي الْجَزَّاْرُ
كَالطِّفْلِ -خَلْفَ الْبَاْبِ - أَجْلِسُ دَاْئِماً
وَعَلَى النَّوَاْفِذِ تُسْدَلُ الأَسْتَاْرُ
أَتَرَقَّبُ الزُّوَّاْرَ كُلَّ دَقِيْقَةٍ
عَبَثاً، وَلاْ يَأْتِي الْحِمَى الزُّوَّاْرُ
وَبِجَاْنِبِيْ شَخْصٌ "بَصِيْرٌ" مُقْعَدٌ
وَالدَّمْعُ - فَوْقَ خُدُوْدِهِ - مِدْرَاْرُ
نُصْغِيْ؛ وَنَصْمُتُ فِيْ بُحُوْرِ هُمُوْمِنَاْ
لا الْبَحْرُ يُنْقِذُنَاْ؛ وَلا الْبَحَّاْرُ
وَيُقَاْلُ: إِنِّيْ "لَسْتُ وَحْدِيْ" إِنَّمَاْ
حَوْلِيْ نُجُوْمُ اللَّيْلِ وَالأَقْمَاْرُ
مَاْزِلْتُ - فِيْ بَحْرِ الْمَحَبَّةِ - شَاْرِداً
لا الْعَزْفُ يُطْرِبُنِيْ؛ وَلا الأَوْتَاْرُ
أَرْنُوْ إِلَىْ عَيْشٍ هَنِيْءٍ آمِنٍ
تَشْدُوْ عَلَىْ أَغْصَاْنِهِ الأَزْهَاْرُ
تَشْدُوْ؛ فَتَصْطَفِقُ الضُّلُوْعُ لِشَدْوِهَاْ
وَتُرَتَّلُ الآيَاْتُ؛ فَالأَشْعَاْرُ
وَأَعِيْشُ مِثْلَ النَّاْسِ مَشْدُوْداً إِلَىْ
أَمَلٍ، وَلَوْ طَاْلَتْ بِنَا الأَعْمَاْرُ